مازال حبك محنتى وعذابى
مازالت فى العين الحزينة قبلة
للعاشقين بسحرك الخلاب
أحببت فيك العمر طفلا باسما
جاء الحياة بأطهر الاثواب
أحببت فيك الليل حين يضمنا
دفء القلوب ورفقة الاصحاب
أحببت فيك الام تسكن طفلها
مهما نأى تلقاه بالترحاب
أحببت فيك الشمس تغسل شعرها
عند الغروب بدمعها المنساب
أحببت فيك النيل يجرى صاخبا
فيهيم روض فى عناق رواب
أحببت فيك شموخ نهر جامح
كم كان يسكرنى بغير شراب
أحببت فيك النيل يسجد خاشعا
لله ربا دون أى حساب
أحببت فيك صلاة شعب مؤمن
رسم الوجود على هدى محراب
أحببت فيك زمان مجد غابر
ضيعته سفها على الاذناب
أحببت فى الشرفاء عهدا باقيا
وكرهت كل مقامر كذاب
أنى أحبك رغم أنى عاشق
سئم الطواف وضاق بالأعتاب
كم طاف قلبى فى رحابك خاشعا
لم تعرفى الأنقى من النصاب
أسرفت فى حبى وأنت بخيلة
ضيعت عمرى وأستبحت شبابى
شاخت على عينيك أحلام الصبا
ما عدت أعرف أين تهدأ رحلتى
وبأى أرض تستريح ركابى
غابت وجوه كيف أخفت سرها؟
هرب السؤال وعز جوابى
لو أن طيفا عاد بعد غيابه
لأرى حقيقة رحلتى ومأبى
لكنه طيف بعيد غامض
يأتى ألينا من وراء حجاب
رحل الربيع وسافرت أطياره
ما عاد يجدى فى الخريف عتابى
هى أخر المشوار تبدو صورتى
وسط الذئاب بمحنتى وعذابى
ويطل وجهك خلف أمواج الأسى
شمسا تلوح فى وداع سحاب
هذا زمان خاننى فى غفلة
منى وأدمى بالجحود شبابى
شيعت أوهامى وقلت لعلقى
يوما أعود لحكمتى وصوابى
كيف أرتضيت ضلال عهد فاجر
وفساد طاغية وغدر كلاب ؟!
مابين أحلام توارى سحرها
وبريق عمر صار طيف سراب
شاخت ليالى العمر منى فجأة
فى زيف حلم خادع كذاب
لم يبق غير الفقر يستر عورتى
والفقر الملعون بكل كتاب
سرب النخيل على الشواطىء ينحنى
وتسيل فى فزع دماء رقاب
ما كان ظنى ان تكون نهايتى
فى أخر المشوار دمع عتاب!
ويضيع عمرى فى دروب مدينتى
مابين نار القهر والارهاب
ويكون أخر ما يطل على المدى
شعب يهرول فى سواد نقاب
وطن بعرض الكون يبدو لعبة
للوارثين العرش بالأنساب
قتلاك يا أم البلاد تفرقوا
وتشردوا شيعا على الابواب
رسموك حلما ثم ماتوا وحشة
مابين ظلم الأهل والأصحاب
لاتخجلى ان جئت بابك عاريا
ورأيتنى شبحا بغير ثياب
يخبو ضياء الشمس يصغر بيننا
ويصير فى عينى كعود ثقاب
والريح تزأر والنجوم شحيحة
وأنا وراء الأفق ضوء شهاب
غضب بلون العشق سخط يائس
ونزيف عمر فى سطور كتاب
رغم أنطفاء الحلم بين عيوننا
سيعود فجرك بعد طول غياب
فلترحمى ضعفى وقلة حيلتى
هذا عتاب الحب...للأحباب